منتدى عالم كووول


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى عالم كووول
منتدى عالم كووول
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حــــــــــــــــلم ضــــــــــــــــــــائـــــــــع

اذهب الى الأسفل

حــــــــــــــــلم ضــــــــــــــــــــائـــــــــع Empty حــــــــــــــــلم ضــــــــــــــــــــائـــــــــع

مُساهمة من طرف روبا الأحد مايو 02, 2010 2:36 am

حــــــــــــــــلم ضــــــــــــــــــــائـــــــــع 5464564r
من قلب المعاناة , وسط المخيم حيث الأزقة الضيقة , والجدران المتصدعة , والبيوت المتهالكة , والمعاناة المستفحلة
, والنفوس الهزيلة , والأجساد النحيلة , والفقر المدقع , عاش محمود , واسرته , أبوان , وأخوان , وأخت .

خرج محمود , ذو البشرة السمراء , والسنوات العشر , يحمل حقيبته المدرسية , وبها قلمه ودفتره , وبها حلمه ومستقبله , الي مدرسة اللاجئين , وسط المخيم , علي حافة الطريق توقف , ضجيج في السحاب , أصوات الطائرات بالعشرات



وفجأة

رعد الصواريخ , وبرق القنابل , زلزال يضرب في كل اتجاه , الكل يصرخ , الكل يهرب , رائحة الدخان , رائحة البارود , رائحة الدمار , رائحة الخراب , تملأ المكان , وكل مكان , سيارات مسرعة , أصوات الاسعافات , نقل الجرحي والشهداء , محمود يرقب المشهد , يدق قلبه الطفولي البرئ , كالسهام التي تصيب كبده , شعر بالخطر , والخوف , والده , حامل حلمه , ومستقبله , ضابط أمن مستهدف , باستهداف مركزه الامني الذي يعمل فيه , دمر المركز , وسوي بالارض

يلقي محمود حقيبته أرضا , يركض كالفهد , أسرع الخطي , إلي حيث الموت , إلي حيث الخراب , الي حيث الدمار , إلي حيث الهلاك , وقف علي أطلال المركز , يتأمل , يتفحص , يراقب , عشرات الجثث المحترقة , رؤوس مفصولة , أشلاء متناثرة , وبين الزحام , ورائحة الدم المنبعثة من كل زاوية , الحيرة تسيطر عليه , تتملكه , يلتفت يسرة , يلتفت يمنة , سارع الخطوات أكثر , بين الشهداء , بين الركام , بين الأحياء , عله يجد الأمل , عله يجد والده يسير بين البشر , الخوف يتملك قلبه البرئ أكثر , جثة هناك , وعشرات هنا , جنودا وضباطا , لافرق عند الموت , لافرق عند سقوط القنابل والقذائف , دموع علي خديه , تحرقه , تغرقه , تتعثر قدماه , لايمل , ولا يكل , يريد معرفة المصير المجهول لوالده , يحبو بين الركام , بين الأشلاء , بين الخراب والدمار , وقف ونظر , صرخ ولطم , إنه جسد بلا رأس , يلف وسطه حزام بلون العلم الفلسطيني , ومسدس اسود , منقوش علي مقبضه عاشت فلسطين حرة أبية , إنه والده , الذي وعده يوما , بلبس الحزام , وحمل المسدس .

الأيادي تحمل الشهيد , والإسعاف يسير به الي المشفي , والأكتاف تأخذه الي منزله , ونظرة الوداع بين الأهل قاتلة , مميتة , يملؤها الصراخ , وتغرقها الدمعات , والقلوب أصابتها الحسرة , محمود يقف جانبا ,يراقب العيون , والدموع , والنحيب , والصراخ , والتكبير , وكل الحركات , يقترب , يلمس نعش والده , يتحدث اليه , بنبرة طفولية محزنه , أبي أبي أبي , كلمني , حدثني , لا أمل في الحديث , لا أمل في الكلام , الكل يجهش بالبكاء من هول المنظر , ويصرخ محمود مناديا , أبي أبي أبي لاتتركنا , لا ترحل عنا , إبقي معنا , نريدك , إنها صرخة الضياع للأحلام , للأمال , للمستقبل .

ينطلق المشيعون , وأمواجهم تكبر عند كل شارع , عند كل حارة , عند كل خطوة قدم , وصرخة حنجرة , كالنحل , كالسحاب , سراعا نحو المسجد للصلاة علي الشهيد , تتسابق الأيادي لحمل العريس , حمل الشهيد الذي إختاره مولاه لجواره , وبين الأمواج محمود وكأنه يسير عكس التيار , لايشعر بما حوله , ولا كيف يسير , الأحضان تتلقفه , تخفف عنه , والأيادي تجره مع المسير , قبة المسجد تصدع بالقرأن , والتهنئة بالشهادة لاهل الشهيد , إقتربت الجموع , دخلوا المحراب , وضعوا النعش أولا , والأقدام ثانيا , ومحمود في الخلف يجلس , يراقب الحركات , والأيادي , لايدري مايدور حوله , عجيب أمر المصلين , يصلون علي أبي , هل هذه حقيقة , وهل سيرحل من كان يضحكني , ويفرحني , يطعمني , ويلبسني , يكسوني , ويسترني , تنتهي الصلاة .

ينطلق المشيعون الي المقبرة , إلي نهاية المطاف في الدنيا , ومحمود تجره الأيادي , تعطف عليه القلوب والصدور , وصلوا القبر , جلس المشيعون , تكلم شيخ كبير , نعي الشهيد , وكأنه ينعي حلم محمود , وطفولته , يودع الشيخ الشهيد , وكانه يودع طفولة محمود , وبرءة محمود , يواري جسد الشهيد الثري , وقد إستقبل القبلة , ترحل الجموع , ويذهب الأهل والأصحاب , ويبقي محمود , مندهش , يبكي , يصرخ , غير مصدق , لا أحد بقي معه إلا الأموات , والقبور , والأشواك المحيطة به , زرع الصغير صبارة , ووردة , وسقي القبر , قرأ الفاتحة علي روح والده , ترك القبر , غادر المقبرة , وصل البيت , الجموع تلفه , والقلوب تحتضنه , والمعزون من كل حدب وصوب , غادرت الشمس , وغابت , وحل الظلام , غادرت الجموع, وحلت الوحشة , والظلمة , والوحدة , الكل ذهب للنوم , ومحمود مثلهم ذهب لغرفته , لمس فراشه , شمه , إنها رائحة والده الشهيد , بكي بحرقة , وألم , إنتفخت عيناه من النحيب , إنتصف الليل , الكل نائم , الكل منتظر الصبح , ومحمود هائم بتفكيره , ومصيره , وأحلامه , وكلام والده الشهيد , ووعوده له , لحظات نرجسية حين استرجع وعود والده , لكنها الصدمة حين يصحو من تفكيره النرجسي , إنها أحلام يقظة , وصاحب الوعود قد رحل , فارق الدنيا , أذن الفجر , تعب الجسد الصغير , الهزيل , من التفكير الكبير , كيف سيكون المستقبل , والقادم , وماذا يخفي الغد , ذبلت العيون , وقبل أن يضع محمود الرأس علي الوسادة , إرتفع صوته وقال بحسرة ومرارة

كيف أنام , وقد ماتت كل أحلامي

روبا
روبا
كول ذهبي
كول ذهبي

انثى عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 30/04/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى